“جي بي مورغان” يعمّق مشاركته في الأصول الرقمية: هل يقترب من إطلاق عملته المستقرة؟

اتخذ بنك “جي بي مورغان تشيس” خطوة جديدة نحو تعميق مشاركته في مجال تقنية البلوكتشين والأصول الرقمية، وذلك من خلال تقديم طلب لتسجيل علامة تجارية تحت اسم “JPMD” في الولايات المتحدة.
وقد أثار هذا التطور موجة من التكهنات حول إمكانية إطلاق عملة مستقرة من قبل البنك، لا سيما في ظل تزايد الاهتمام العالمي بحلول الدفع الرقمية المنظمة التي تحظى بثقة الجهات التنظيمية.

في هذا السياق، يوضح طلب التسجيل، الذي تم تقديمه إلى مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية الأميركي يوم الأحد، نطاقًا واسعًا من الخدمات المرتبطة بالعملات الرقمية. وتشمل هذه الخدمات التداول، التبادل، التحويل، المقاصة، ومعالجة المدفوعات للأصول الرقمية. هذا ما يشير بوضوح إلى نية جي بي مورغان توسيع خدماته المالية المستندة إلى تقنية البلوكتشين، وتعزيز حضوره في هذا القطاع المتنامي.

عملة مستقرة محتملة في الأفق

ورغم أن الطلب لا يذكر صراحةً نية إصدار عملة مستقرة، إلا أن محللي القطاع قرأوا ما بين السطور. فقد نقلت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير حديث أن جي بي مورغان، إلى جانب بنوك أمريكية كبرى مثل بنك أوف أمريكا وويلز فارجو، يدرسون إمكانية إطلاق عملة مستقرة مشتركة مدعومة من البنوك.
ويصف التقرير هذا المشروع باعتباره خطوة استراتيجية تهدف إلى مواجهة هيمنة مُصدري العملات المستقرة المستقلة، مثل تيذر وسيركل. وقد يوفّر البديل المصرفي المحتمل وسيلة لتحسين سرعة وكفاءة المدفوعات الروتينية، وخاصة التحويلات عبر الحدود، مع الحفاظ على الامتثال التنظيمي ودعم العملات الورقية التقليدية.

البصمة المتنامية لجي بي مورغان في مجال البلوكتشين

وعلى الرغم من الشكوك العلنية التي عبّر عنها الرئيس التنفيذي للبنك، جيمي ديمون، تجاه العملات الرقمية مثل بيتكوين، إلا أن البنك واصل تبني تقنية البلوكتشين كأداة تحويلية في القطاع المالي.

وقد تمكنت وحدة البلوك تشين التابعة للبنك، والتي أُعيدت تسميتها مؤخرًا من أونيكس إلى كينكسي، من تسهيل أكثر من 1.5 تريليون دولار أمريكي في معاملات مؤسسية باستخدام عملة البنك الخاصة “جي بي إم كوين”، المرتبطة بالدولار الأميركي، اليورو، والجنيه الإسترليني. وتُستخدم هذه العملة بشكل أساسي في تسويات المدفوعات بين البنوك، مما يمهد الطريق نحو استخدام أوسع للرموز الرقمية مستقبلاً.

رياح تشريعية مواتية

يتزامن هذا التحرك من جي بي مورغان مع تطورات تشريعية هامة في واشنطن. فقد أقرّ مجلس الشيوخ الأميركي في الأسبوع الماضي قانون “توجيه وتأسيس الابتكار الوطني للعملات المستقرة الأميركية” (GENIUS)، بتأييد واسع من الحزبين بلغ 68 صوتًا مقابل 30.
ويُعرض القانون حاليًا على مجلس النواب للمناقشة، مع توقّع إجراء التصويت النهائي قريبًا. وإذا ما تم إقراره، فسيضع هذا القانون إطارًا تنظيميًا واضحًا لإصدار وتشغيل العملات المستقرة داخل الولايات المتحدة، مما يمنح مؤسسات كبرى مثل جي بي مورغان الوضوح القانوني اللازم لتوسيع أنشطتها في هذا المجال.

سوق العملات المستقرة ينمو وسط اهتمام مؤسسي

في موازاة ذلك، يشهد سوق العملات المستقرة نموًا مطّردًا واهتمامًا مؤسسيًا متزايدًا. وتشير بيانات DefiLlama إلى أن القيمة الإجمالية لسوق العملات المستقرة عالميًا تتجاوز حاليًا 250 مليار دولار. وتتصدر هذا السوق كل من Tether (USDT) وUSD Coin (USDC) التابعة لشركة سيركل، بقيم سوقية تبلغ 156.3 مليار دولار و61.3 مليار دولار على التوالي.

وبناءً على ذلك، فإن قرار جي بي مورغان تشيس المضي قدمًا في إطلاق “JPMD” قد يمثل تحولاً جذريًا في طريقة مشاركة البنوك التقليدية في مشهد المال الرقمي المتطور. فمن خلال الدمج بين الابتكار التكنولوجي والامتثال التنظيمي، قد يصبح للبنوك دور محوري في إعادة تشكيل النظام المالي العالمي.